وقد اختلف العلماء رضي الله عنهم في إتيان المشاهد
فقال محمد بن وضّاح: كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد
وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قباء وأحدًا.
ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلّى فيه ولم يتتبع تلك
الآثار، ولا الصلاة فيها.
فهؤلاء كرهوهـا مطلقًا لحديث عمر رضي الله عنه هذا،
ولأنَّ ذلك يشبه الصلاة عند المقابر؛ إذْ هو ذريعة إلى اتخاذها أعيادًا، وإلى
التشبه بأهل الكتاب.
ولأنّ ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة،
فلم يُنقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار أنه كان يتحرّى
قَصْدَ الأمكنةِ التي نزلها النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
والصواب مع جمهور الصحابة لأنَّ متابعة النبي صلى الله
عليه وسلم تكون بطاعة أمره وتكون في فعله بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي
فعله.
*****
هؤلاء الأئمة كانوا يكرهون إتيان الأماكن التي في المدينة التي تُسمى الآثار النبوية من أجل التبرك بها، فهذا مالكٌ ومن معه ينهون عن ذلك إلاّ مسجد قباء، فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يزوره ويصلِّي فيه كل سبت، وكذلك جبل أُحد، فإنه كان يأتي لزيارة قبور الشهداء، فيسلم على الشهداء ويدعو لهم، فهذان المكانان يقصدان، مسجد قباء للصلاة فيه، وأُحُد لأجل السلام على الشهداء والدعاء لهم من باب زيارة القبور التي هي سنة، وأما ما عدا ذلك فليس في المدينة مكان يُقصد للعبادة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد