×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم، فيدعو لهم، ويدعون معه، كالإمام والمأمومـين من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، كما ليس لـهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق. ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم توسلوا بدعاء العباس واستسقوا به.

ولهذا قال الفقهاء: يستحبُّ الاستسقاء بأهل الخير والدين، والأفضل أن يكونوا من أهلِ بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود، يا يزيد، ارفع يديك، فرفع يديه ودعا، ودعا الناس حتى أُمطِروا، وذهب الناس، ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر نبي ولا غيره يستسقي عنده، ولا به، والعلماء استحبوا السلام على النبي صلى الله عليه وسلم للحديث الذي في «سنن أبي داود» عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام » ([1]).

هذا مع ما في النسائي وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ الله وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلاَئِكَةً يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ» ([2])، وفي «سنن أبي داود» وغيره عنه أنه قال: «أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاَةِ عَلَيَّ يَوْم الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ - أي: بَلِيتَ - فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الأَْرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الأَْنْبِيَاءِ» ([3])، فالصلاة عليه


الشرح

([1] أخرجه: النسائي رقم (1282)، والدارمي رقم (2816)، وأحمد رقم (3666).

([2] أخرجه: أبو داود رقم (1047).

([3] أخرجه: مسلم رقم (408).