×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وكلا الأمرين قـد وقع، فإنَّ من الناس من يسجد للشمس وغيرها من الكواكب، ويدعو لها بأنواع الأدعية والتسبيحات، ويلبس لها من اللباس والخواتم ما يظن مناسبته لها، ويتحرّى الأوقات والأمكنة والأبخرة المناسبة لها في زعمه. وهذا من أعظم أسباب الشرك الذي ضلَّ به كثير من الأولين والآخرين، حتى شاع ذلك في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، وصنّف فيه بعض المشهورين كتابًا سمّاه: «السرّ المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم»، على مذهب المشركين من الهند والصابئة والمشركين من العرب وغيرهم، مثل: طمطم الهندي وملكوشا البابلي وابن وحشية وأبي معشر البلخي، وثابت بن قرة، وأمثالهم ممن دخل في هذا الشرك، وآمن بالجبت والطاغوت وهم منتسبون إلى أهل الكتاب، كما قال الله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا ٥١ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ وَمَن يَلۡعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ نَصِيرًا [النساء: 51- 52].

*****

الغلو في الصالحين سبب للشرك:

ذكر تعالى عن قوم نوح أنهم تواصوا فيما بينهم لما عصوا نبيهم نوحًا عليه السلام، لما أمرهم بعبادة الله، وترك عبادة الأصنام، تواصوا بأن يتمسكوا بما هم عليه، وبأن يعصوا نبي الله نوحًا عليه السلام، فأبوا التوحيد وتواصوا بالبقاء على الشرك، قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا وهذه في الأصل إنما هي أسماء رجال صالحين من قوم نوح، غلوا فيهم، وآل بهم الأمر إلى أن 


الشرح