×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

عبدوهم من دون الله، فدلَّ على أنَّ الغلوَّ في الصالحين، والمبالغة في مدحهم، والتعلق الزائد بهم، يُفضِي إلى الشرك بهم، كما حصل لقوم نوح.

ومما يبطل العلة الأولى وهي النجاسة، ويُبيِّن صحَّة العلة الثانية: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، ومنها قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأنبياء طاهرون، وتربتهم طاهرة، ومع هذا فهم يدخلون في عموم النهي من باب أولى.

هذا يدلُّ أنَّ العلة في النهي عن الصلاة عند القبور هي سد الوسيلة إلى الشرك، فإنه إذا صلّى عند القبر، ودعا الله عنده، وإن كان لا يصلي إلاّ لله، ولا يدعو إلاّ الله، لكن صلاته ودعاءه عند القبر وسيلة إلى أن يعظّم القبر والميت، ويتعلّق به من دون الله، فيؤول هذا إلى الشرك، كما حصل لقوم نوح.

مما يؤيد هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، لماذا؟ لأنَّ المُشركين يسجدون للشمس في هذين الوقتين، فنُهينا عن التشبه بهم، فلا نصلِّي لله في هذين الوقتين؛ لأنَّ هذا وسيلة إلى الشرك، وتشبهًا بالكفار. ومثل ذلك نهيه عن الصلاة عند القبور.

مِن البشر مَن يعبدون الكواكب، كقوم نمرود الذين بُعث إليهم إبراهيم الخليـل عليه الصلاة والسلام، فكانوا يتقرّبون إلى الكواكب، ويسجدون لها، ويعبدونها، ومن ذلك الشمس والقمر، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بسدّ الوسيلة إلى الأمرين، فلا يُصلّى عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولا يُصلّى عند


الشرح