×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وقد نازع في هذا بعض الناس، وقالوا في حديث أبي سعيد الذي رواه ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي يقوله الخارج إلى الصلاة: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا، وَلاَ بَطَرًا، وَلاَ رِيَاءً، وَلاَ سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي» ([1]).

وقد قال الله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ [النساء: 1].

و«الأرحام» على قراءة حمزة وغيره ممن خفض «الأرحام» وقالوا: تفسيرها أي: يتساءلون به وبالأرحام، كما يقال: سألتك بالله وبالرحم، ومن زعم من النحاة أنه لا يجوز العطف على الضمير المجـرور إلاّ بإعادة الجار، فإنما قاله لما رأى غالب الكلام بإعادة الجار، وإلاّ فقد سُمع من الكلام العربي - نثره ونظمه العطف - بدون ذلك. كما حكى سيبويه: «ما فيهـا غيره وفرسه» ولا ضرورة هنا كما يدّعَى مثل ذلك في الشعر.

ولأنه قد ثبت في «الصحيح» أنَّ عمر قال: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا؛ فَيُسْقَوْنَ» ([2]).

*****

التوسل إلى الله بالمخلوق لا يجوز، وإنما يُتوسل إلى الله بأسمائه وصفـاته، ويُتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة التي قدّمها العبد


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1010).

([2] أخرجه: الترمذي (3578)، والنسائي في الكبرى (10419)، وأحمد رقم (17240).