×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا» ([1]) والكلام على هذا مبسوطٌ في موضعٍ آخر.

*****

الشُّبه التي يتعلَّق بها من يجيز التوسل بالأشخاص:

هذا إيراد للشبه التي تعلّق بها من يجوِّز التوسل إلى الله بالمخلوق:

الأولى: أن عمر رضي الله عنه قال: «إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا» ([2])، قالوا: فهذا عمر رضي الله عنه قد توسل بمخلوق.

والجواب: أنَّ هذا ليس توسُّلاً بالمخلوق، وإنما هو توسل بدعاء المخلوق، فقوله: نتوسل إليك بنبينا، أي: نتوسل إليك بدعاء نبينا؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما كان حيًّا، طلبوا منه الدعاء فدعا لهم فسقاهم الله، ولما مات صلى الله عليه وسلم وتعذّر أن يطلب منه الدعاء وهو ميت، عدلوا إلى عمه العباس؛ لأنه حي، وهو قريب من الرسول صلى الله عليه وسلم، فالمراد بقوله: «نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا» أو «بِعَمِّ نَبِيِّنَا» أي: بدعائه، وهذا واضح.

ثانيًا: استدلوا بحديث الأعرابي الذي توسل إلى الله جل وعلا بنبيِّه صلى الله عليه وسلم أن يرد بصره عليه، فرد الله به بصره.

والجواب: أنَّ هذا ليس توسُّلاً إلى الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له، فردّ الله تعالى له بصره، وهذا في حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الأعرابي جـاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1010).

([2] أخرجه: ابن ماجه رقم (778).