×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

فأخبر - سبحانه - أنه قريب، يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ثم أمرهم بالاستجابة له،  وبالإيمان به، كما قال بعضهم: ﴿فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي: إذا دعوتهم، ﴿وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي: أني أجيب دعوتهم.

قالوا: وبهذين السببين تحصل إجابة الدعوة: بكمال الطاعة لألوهيته، وبصحة الإيمان بربوبيته، فمن استجاب لربه بامتثال أمره ونهيه حصّل مقصوده من الدعاء، وأجيب دعاؤه، كما قال تعالى: ﴿وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ [الشورى: 26] أي: يستجيب لهم، يقال: استجابه واستجاب له.

فمن دعاه موقنًا أنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه أجابه، وقد يكون مُشركًا وفاسقًا، فإنه - سبحانه - هو القائل: ﴿وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ [يونس: 12]، وهو القائل - سبحانه: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا [الإسراء: 67]، وهو القائل - سبحانه: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٤٠ بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ [الأنعام: 40- 41].

*****

الدعاء أمره عظيم وشأنه كبير، وهو صلة بين العبد وبين ربّه عز وجل فالعبد ليس له غنًى عن دعاء ربِّه جل وعلا لاسيما عند الحوائج والضرورات، ولذلك أمر الله تعالى به وحثَّ عليه؛ لأنَّ العبد محتاجٌ إليه دائمًا وأبدًا، وإلا فالعبادة كلها دعاء لله سبحانه وتعالى لكن الدعاء على قِسمين: دعاء عبادة - كما سبق - ودعاء مسألة.


الشرح