ومن قال من العلماء: لا يسأل إلاّ به، لا ينافي السؤال
بصفاته، كما أنَّ الحلف لا يشرع إلاّ بالله، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ
لِيَصْمُتْ» ([1]). وفي
لفظ الترمذي: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» ([2]) قال
الترمذي: حديث حسن.
ومع هذا فالحلف بعزة الله، ولعمر الله ونحو ذلك مما
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به، لم يدخل في الحلف بغير الله؛ لأن لفظ
«الغير» قد يراد به المباين المنفصل، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن
وسائر صفات الله أنها غيره، ولم يطلقوا عليها أنها ليست غيره؛ لأنَّ لفظ «الغير»
فيه إجمال، قد يراد به المباين المنفصل، فلا يكون صفة الموصوف أو بعضه داخلاً في
لفظ «الغير» وقد يراد به ما يمكن تصوره دون تصور ما هو غير له، فيكون غيرًا بهذا
الاصطلاح، ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى «الغير» والنزاع في ذلك لفظيّ، ولكن بسبب
ذلك حصل في مسائل الصفات من الشبهات ما لا ينجلي إلاّ بمعرفة ما وقع في الألفاظ من
الاشتراك والإبهامات، كما قد بُسط في غير هذا الموضع.
ولهذا يفرق بين قول القائل: «الصفات غير الذات» وبين قوله: «صفات الله غير الله» فإن الثاني باطل؛ لأنَّ مسمى اسم «الله» يدخل فيه صفاته، بخلاف مُسمَّى الذات، فإنه لا يدخل فيه الصِّفات، ولهذا لا يقال: صفات الله زائدة عليه - سبحانه، وإن قيل: الصفات زائدة على الذات؛ لأنَّ المراد هي زائدة على ما أثبته
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).