×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

له، والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته، فهو من التوسل به، والتوجه به، ولو قدر أنه قسم لكان قسمًا بما هو من صفاته، فإن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله.

فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ([1]) والاستعاذة لا تصح بمخلوق كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة. وذلك مما استدلوا به على أنَّ كلام الله غير مخلوق.

ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» ([2]) قالوا: والاستعاذة لا تكون بمخلوق، فأورد بعض الناس لفظ «المعافاة» فقال جمهور أهل السنة: «المعافاة» من الأفعال. وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم يقولون: إنَّ أفعال الله قائمة به، وإنَّ الخلق ليس هو المخلوق، وهذا قـول جمهور أصحاب الشافعي وأحمد ومالك، وهو قول أصحاب أبي حنيفة، وقول عامة أصحاب أهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام والفلسفة.

وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ونحوهم من الجهمية نقضًا.

فإنَّ أهل الإثبات من أهل الحديث وعامة المتكلمة الصفاتية من الكُلاَّبية والأشعرية والكَرَّامية وغيرهم استدلوا على أن كلام الله غير


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (2709).

([2] أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).