ومن العجب أنَّ هذه الشريعة المحفوظة المحروسة مع هذه
الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة، إذا حدّث بعض أعيان التابعين عن النبي
صلى الله عليه وسلم بحديثٍ، كعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأبي العالية،
ونحوهم، وهم من خِيار علماء المسلمين، وأكابر أئمة الدين، توقّف أهل العلم في
مراسيلهم، فمنهم من يَرُدّ المراسيل مُطلقًا، ومنهم من يتقبلها بشروط، ومنهم من
يميز بين مَنْ عادته أن لا يرسل إلا عن ثقة، كسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي
ومحمد بن سيرين، وبين من عُرف عنه أنه قد يرسل عن غير ثقة كأبي العالية والحسن.
وهؤلاء ليس بين أحدهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم
إلاّ رجل أو رجلان أو ثلاثة مثلاً، وأما ما يوجد في كتب المُسلمين في هذه الأوقات
من الأحاديث التي يذكرها صاحب الكتاب مرسلة، فلا يجوز الحكم بصحتها باتفاق أهل
العلم، إلاّ أن يُعرف أن ذلك من نقل أهل العلم بالحديث الذين لا يحدثون إلا بما
صحّ، كالبخاري في المعلَّقات التي يجزم فيها بأنهـا صحيحـة عنـده، وما وقفه كقوله:
وقد ذكر عن بهز بن حكيم عن أبيـه عن جـده، ونحو ذلك، فإنه حسن عنده.
هذا وليس تحت أديم السماء بعد القرآن كتاب أصح من
البخاري.
فكيف بما ينقله كعب الأحبار وأمثاله عن الأنبياء، وبين
كعب وبين النبي الذي ينقل عنه ألف سنة، وأكثر وأقل؟
وهو لم يسند ذلك عن ثقة بعد ثقة، بل غايته أن ينقل عن بعض الكتب التي كتبها شيوخ اليهود، وقد أخبر الله تبديلهم وتحريفهم،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد