×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وقال تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا [الإسراء: 56- 57].

قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون العزير والمسيح والملائكة، فأنزل الله هذه الآية، وقد أخبر فيها أن هؤلاء المسؤولين كانوا يتقربون إلى الله، ويرجون رحمته ويخافون عذابه.

وقد ثبت في «الصحيح» أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَي النَّاسِ أَسْعَدُ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ» ([1]).

فكلما كان الرجل أتم إخلاصًا لله كان أحق بالشفاعة.

وأما من علّق قلبه بأحدٍ من المخلوقين يرجوه ويخافه، فهذا من أبعد الناس عن الشفاعة.

*****

 قوله: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم هذه الآية تدل على أنَّ الذين يتخذهم المشركون شفعاء لهم عند الله لا يملكون الشفاعة إلاّ بإذن الله، فهـؤلاء الذين قال الله جل وعلا فيهم: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ أي: يـدعـوهـم المـشـركـون ﴿يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أي: القرب منه - سبحانه - وهم عيسى وأمه وعزير، الذين يعبدهم النصارى واليهود، يعني هم بأنفسهم يطلبون من الله، ويحتاجون إلى عفو الله ومغفرته،


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (99).