×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

والله - سبحانه - له حقوق لا يشركه فيها غيره، وللرسل حقوق لا يشركهم فيها غيرهم وللمؤمنين بعضهم على بعض حقوق مشتركة.

ففي «الصحيحين» عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «يَا مُعَاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِه ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، يَا مُعَاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ» ([1]).

فالله تعالى مستحق أن يُعبد لا يُشرَك به شيء، وهذا هو أصل التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأُنزلت به الكتب.

قال تعالى: ﴿وَسۡ‍َٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ [الزخرف: 45].

وقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

ويدخل في ذلك أن لا نخـاف إلاّ إياه، ولا نتقي إلاّ إيّاه، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ [النور: 52] فجعل الطاعة لله وللرسول، وجعل الخشية والتقوى لله وحده.

*****

 الله جل وعلا حقه أن يُعبد وحده لا شريك له، فالعبادة حق لله جل وعلا لا يجوزُ أن يصرف منها شيء لغير الله عز وجل فمن صرف منها شيئًا لغير


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).