والله - سبحانه - له حقوق لا يشركه فيها غيره، وللرسل
حقوق لا يشركهم فيها غيرهم وللمؤمنين بعضهم على بعض حقوق مشتركة.
ففي «الصحيحين» عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت
رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «يَا مُعَاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ
عَلَى عِبَادِه ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «حَقُّهُ عَلَيْهِمْ
أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، يَا مُعَاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ
الْعِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ قَالَ: «حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ» ([1]).
فالله تعالى مستحق أن يُعبد لا يُشرَك به شيء، وهذا هو
أصل التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأُنزلت به الكتب.
قال تعالى: ﴿وَسَۡٔلۡ
مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ﴾ [الزخرف: 45].
وقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ
أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء:
25].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36].
ويدخل في ذلك أن لا نخـاف إلاّ إياه، ولا نتقي إلاّ
إيّاه، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ﴾ [النور: 52] فجعل
الطاعة لله وللرسول، وجعل الخشية والتقوى لله وحده.
*****
الله جل وعلا حقه أن يُعبد وحده لا شريك له، فالعبادة حق لله جل وعلا لا يجوزُ أن يصرف منها شيء لغير الله عز وجل فمن صرف منها شيئًا لغير
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).