ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام والانقياد، ويتضمن
الإخلاص، مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا
رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ
يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ﴾ [الزمر: 29].
فلا بدَّ في الإسلام من الاستسلام لله وحده، وترك
الاستسلام لما سواه، وهذا حقيقة قولنا: لا إله إلاّ الله، فمن استسلم لله ولغيره
فهو مشرك، والله لا يغفر أن يُشرك به، ومن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته.
وقـد قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في «الصحيح» أنه قال:
«لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلاَ
يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ»، فَقِيلَ
لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُل يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا
وَنَعْلُهُ حَسَنًا، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ ؟ فَقَالَ: «لاَ، إِنَّ اللهَ
جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» ([1]) بطر
الحق: جحده ودفعه، وغمط الناس: ازدراؤهم واحتقارهم.
فاليهود موصوفون بالكِبر، والنصارى موصوفون بالشرك،
قال تعالى في نعت اليهود: ﴿أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمۡ
رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ﴾ [البقرة: 87].
وقال في نعت النصارى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 31].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (91)، والترمذي رقم (1999).