×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وقال تعالى: ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٠ مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٣١ مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [الروم: 30- 32].

فأهل الإشراك متفرقون، وأهل الإخلاص متفقون، وقد قال تعالى: ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ [هود: 118- 119] فأهل الرحمة متفقون مجتمعون، والمشركون فرقوا دِينهم وكانوا شِيَعًا.

*****

قوله: ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ أي: أخلص عملك وتوجهك إلى الله وحده، والاجتماع على التوحيد وعلى العقيدة هو الذي أمر الله به، وأما الاختلاف والتفرُّق فقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه الأنبياء وأتباع الأنبياء، فالخِلاف إنما يقعُ في الأمور العملية والاجتهادية، وأما أمور العقيدة فليست مجالاً للاجتهاد، وإنما هي توقيفية، ولذلك لا يدخُلها نسخ ولا تغيير، ولا يجوزُ فيها الاختلاف.

قوله: «فأهل الإشراك متفرِّقون...» أهل الشرك متفرقون في عباداتهم؛ لأنهم لما تركوا عبادة الله ابْتُلوا بعبادة الأصنام والأوثان والأشجار والأحجـار، وكلٌّ يعبد ما تهواه نفسه، وما يزيّنه له الشيطان، فتفرَّقوا، أما المسلمون فهم ولله الحمد أمة واحدة على عقيدة واحدة، لا يختلفون ولا يتنازعون، وإن تنازعوا رجعوا إلى كتاب ربهم وسُنَّة


الشرح