و«قُرَاب
الأرْضِ»: ملؤها أو ما يقارب ملأها، فشرط حصول هذه المغفرة سلامة العقيدة مِنْ
الشرك، كثيره وقليله، صغيره وكبيره، ومَنْ كان كذلك، فهو صاحب القلب السليم الذي
قال اللَّه فيه: ﴿يَوۡمَ لَا
يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ
بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩﴾[الشُّعَرَاء: 88-89].
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في معنى حديث عتبان رضي
الله عنه : «ويُعْفَى لأهْل التَّوْحِيْد الَمحْضِ الَّذِي لَمْ يَشُوبُوه بالشرك
ما لا يُعْفَى لمَنْ لَيْسَ كذلك، فلو لقي الموُحدُ الذي لَمْ يُشرك باللَّه
شَيْئًا ألْبَتَّة رَبَّه بقِرَاب الأرض خَطَايَا، أتاهُ بقرابها مَغفرةً، ولا
يَحصُل هذا لمَنْ نقص توحيده وشابه بالشِّرْك، فإِنَّ التَّوْحِيْد الخالص الَّذي
لا يَشُوبُهُ شرْكٌ لا يبقى معه ذنب، لأنَّهُ يتضمن مِنْ محبَّة اللَّه وإجلاله
وتعظيمه وخَوْفِه ورَجَائِه وَحْدَه ما يُوجِبُ غسل الذُّنُوب ولو كانت قِراب
الأَرْضِ، فالنَّجَاسَة عَارِضَةٌ، والدَّافِع لها قَوِيٌ...» أ. هـ.
والعقيدة السليمة تُقبل معها الأعمال وتنفع صاحبها، قال
تعالى:﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن
ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ
وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [النّحل: 97].
وعلى العكس مِنْ ذلك، فالعقيدة الفاسدة تُحبِط جميع
الأعمال، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ
وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾[الزُّمَر: 65] ، وقال تعالى: ﴿وَلَوۡ
أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعَام: 88].
والعقيدة الفاسدة بالشِّرك تُحرم مِنْ الجنَّة والمغفرة وتُوجِب العذاب والخلود في النار، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾[النِّسَاء: 48] ، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾[المَائدة: 72].