ومِنْ المعلوم بداهة أَنَّ أي بناء لا يقوم ولا يستقيم
إلا بعد إقامة أساسه، ولهذا كان الرسل يهتمون بها قبل كل شيء، وكان النبي صلى الله
عليه وسلم عندما يَبْعَثُ الدعاة يوصِّيهم بالبداءة بالدعوة إلى تصحيح العقيدة،
فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أَنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما بَعَثَ
مُعَاذًا إلى الَيمَنِ، قال له: «إِنَّكَ
تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلِيَكُنْ أَوَّلَ ما تدْعُهُمْ إِلَىه:
شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ»، وفي رواية: «إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ
أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ
افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي
فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ
أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا
وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ([1]).
فمِنْ هذا الحديث الشريف، ومِنْ استقراء دعوة الرُسُل في
القرآن، ومِنْ استقراء سِيْرةِ الرسول صلى الله عليه وسلم ، يؤخذ منهج الدعوة إلى
اللَّه، وأَنَّ أَوَّلَ ما يُدْعَى النَّاس إليه هو العقيدة المتمثلة بعبادة
اللَّه وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه، كما هو معنى لا إله إلا اللَّه.
وقد مَكَثَ النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سَنَة بعد البعث يدعو الناس إلى تصحيح العقيدة بعبادة اللَّه وحده وتَرْكُ عبادة الأصنام قبل أَنْ يأمر الناس بالصَّلاة والزكاة والصوم والحج والجِهاد وتَرْك المحرَّمات مِنْ الربا والزنى والخمر والميسر.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1496)، ومسلم رقم (19).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد