وهذا ما يدلنا دلالة واضحة
على خطأ بعض الجماعات المعاصرة التي تنتمي للدعوة، وهي لا تهتم بالعقيدة،
وإِنَمَّا تركز على أمور جانبية أخلاقية وسلوكية، وهي ترى كثيرًا مَنْ الناس
يمارسون الشرك الأكبر حول الأضرحة المبنية على القبور في بعض ديار الإسلام، ولا
تنكر ذلك، ولا تنهى عنه، لا في كلمة، ولا في محاضرة، ولا في مُؤَلَّفٍ، إلا قليلا،
بل قد يكون بين صفوف تلك الجماعات مَنْ يمارس الشَّرك والتصوف المنحَرِف، ولا
ينهونه، ولا ينبهونه، مع أَنَّ البداءة بدعوة هؤلاء وإصلاح عقيدتهم أولى مِنْ دعوة
الملاحدة والكفار المصرِّحين بكفرهم، لأَنَّ الكفار والملاحدة مصرِّحون بكفرهم
ومُقِرُّونَ أنَّ ما هم عليه مخالف لما جاءت به الرسل، أما أولئك القبوريون
والمتصوفة المنحرفون، فيظنون أنَّهم مسلمون، وأّنَّ ما هم عليه هو الإسلام،
فَيْغترُّون ويَغُرُّون غيرهم.
واللَّه جل وعلا أمرنا بالبداءة بالكفار الأقربين وقال
تعالى:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ
فِيكُمۡ غِلۡظَةٗۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [التّوبَة: 123] ،
فما لم تَصْفُ صفوف المسلمين مِنْ الدخيل، فإِنَّهم لن يستطيعوا الصمود في وجه
عدوهم. ويُحْكَى أَنَّ قبوريًّا رأى رَجُلاً يَعْبدُ صنًما أمَامه، فأنكر عليه
القبوريُّ، فقال له عابد الصنم: أنت تعبد مخلوقًا غائبًا عنك، وأنا أعبد مخلوقًا
ماثلاً أمامي، فأيُّنا أعجب؟ فانخصم القبوريُّ.
هذا، وإِنْ كان كل منهما مشركًا ضالاً، لأنَّه يعبد ما لا يملك ضرًا ولا نفعًا، إلا أَنَّ القبوريُّ أغرق في الضلال وأبلغ في طلب المُحَال. فيجب على الدعاة إلى اللَّه أَنْ يركِّزوا على جانب العقيدة أكثر مِنْ غيرها،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد