وُيقبِلُوا على دراستها
وتفهُّمها أولاً، ثم يعلِّموها لغيرهم، ويدعوا إليها مَنْ انحرف عنها أو أَخَلَّ
بها.
قال اللَّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ
أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ
وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾[يُوسُف: 108].
قال الإمام ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية
الكريمة: «يَقُولُ تَعَالى لِنبيه مُحمد صلى الله عليه وسلم :﴿قُلۡ﴾ يا مُحمد﴿هَٰذِهِۦ﴾ : الدعوة التي
أَدْعُو إليها والطريقة التي أنا عليها مِنْ الدُعاء إلى تَوْحِيدِ اللَّه وإخلاص
العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته.﴿سَبِيلِيٓ﴾ وَطَرِيقتي
ودَعَوتي ﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾: تعالى وحده لا
شريك له﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾. بذلك ويقين علم
مني ﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾، أي: ويدعو إليه
عَلَى بصيرة أيضًا مَنْ تبعني وصَدَّقني وآمن بي.﴿وَسُبۡحَٰنَ
ٱللَّهِ﴾ يَقُول له تعالى ذِكْرُه: وقُل تنزيها للَّه تعالى
وتعظيما لُهُ مِنْ أَنْ يكون لَهُ شريكٌ في مُلكه أو معبود سواه في سلطانه ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾: يقُول: وأنا بريء
مِنْ أهل الشِّرك بِهِ، لَسْتُ مِنْهُمْ وَلاَ هُمْ مِنِّيْ». انتهى كلام ابن
جرير.
فالآية الكريمة تَدُلُّ على أهمية مَعْرفة العَقِيْدَة
الإِسْلاَمِيَّة والدعوة إليها، وأَنَّ أتْبَاع الرسول صلى الله عليه وسلم هم مَنْ
اقتدى به في ذلك واتصف بالصفتين. العلم بالعقيدة، والدعوة إليها، وأَنَّ مَنْ لم
يتعلم أحكام العقيدة ويهتم بها ويدعو إليها، فليس مِنْ أتباع الرسول على الحقيقة،
وإِنْ كان مِنْ أتباعه على سبيل الانْتِساب والدعوى.
وقال ابن القيم رحمه الله في معنى قوله تعالى:﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النّحل: 125] : «ذكر سُبحانهُ مَرَاتب الدَّعْوة، وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعُو،