×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 وهذا في القرآن كثيرٌ، يذكر اللَّه عن المشركين أنَّهم يعترفون للَّه بالربوبية والانفراد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة.

ولم يُنْكِر توحيد الربويية ويَجْحدُ الرَّبَّ إلا شواذ مِنْ المجموعة البشرية، تظاهروا بإنكار الربِّ مع اعترافهم به في باطن أنفسهم وقرارة قلوبهم، وإنكارهم له إِنَّما هو مِنْ باب المكابرة، كما ذكر اللَّه عن فرعون أنَّه قال: ﴿مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي [القَصَص: 38] ، وقد خاطبه موسى عليه السلام بقوله: ﴿لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ [الإسرَاء: 102] ، وقال تعالى: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ [النَّمل: 14].

وهم لم يستندوا في جحودهم إلى حُجَّةٍ، وإنَّما ذلك مكابرة منهم، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ  [الجَاثيَة: 24] ، فهم لم ينكروا عَنْ عِلْمٍ دَلَّهُمْ على إنكاره ولا سمع ولا عقل ولا فِطْرَة.

ولمَّا كان هذا الكون وما يجري فيه مِنْ الحوادث شاهدًا على وحدانية اللَّه وربوبيته، إذ المخلوق لا بد له مِنْ خالق، والحوادث لا بد لها مِنْ مُحْدِث، كما قال تعالى: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣٦  [الطُّور: 35-36] ، وقال الشاعر:

وفـي كُـلِّ شَـيْءٍ لَهُ آيـة **** تـَـدُلُ عَـَلى أَنَّه وَاحِـدُ

لما كان لا بُدَّ مِنْ جوابٍ على هذه الحقيقة، اضطرب هؤلاء المنكرون لوجود الخالق في أجوبتهم:


الشرح