فتارةً
يقولون: هذا العالم وُجِدَ نتيجهً للطبيعة، التي هي
عبارةٌ عَنْ ذات الأشْيَاء مِنْ النَّبِات والحَيَوان والجمادات، فهذه الكائنات
عندهم هي الطَّبِيْعَة، وهي الَّتِي أوْجَدَتْ نَفْسَهَا.
أَوْ يَقُولُون: هي عبارةٌ عن صفات الأشياءِ
وخَصَائِصَهَا مِنْ حرارة وبرودة ورطوبة ويُبوُسَةٍ وَمَلاسَةٍ وخُشُونةٍ، وهذه
القابليَّات مِنْ حركة وسكون ونُمو وتَزَاوجٍ وَتَوَالُدٍ، هذه الصفات وهذه
القابليَّات هي الطَّبيعةٍ بزَعْمِهِمْ، وهي التي أَوْجَدَتْ الأَشْيَاء.
وهذا قول باطل على كلا الاعتبارين، لأنَّ الطبيعة
بالاعتبار الأول -على حد قولهم- تكون خالقة ومخلوقة، فالأرض خلقت الأرض، والسماء
خلقت السماء... وهكذا، وهذا مستحيل، وإذا كان صدور الخلق عن الطبيعة بهذا الاعتبار
مستحيلا، فاستحالته بالاعتبار الثاني أشد استحالة، لأنَّه إذا عجزت ذات الشيء عن
خلقه، فعجز صفته مِنْ باب أولى، لأَنَّ وجود الصفة مرتبط بالموصوف الذي تقوم به،
فكيف تخلقه وهي مفتقرة إليه؟، وإذ ثبت بالبرهان حدوث الموصوف، لزم حدوث الصفة.
وأيضًا، فالطبيعة لا شعور لها، فهي
آلة محضة، فكيف تصدر عنها الأفعال العظيمة التي هي في غاية الإبداع والإتقان، وفي
نهاية الحكمة، وفي غاية الارتباط.
ومِنْ هؤلاء الملاحدة مَنْ يقول: إِنَّ هذه الكائنات
تنشأ عن طريق المصادفة بمعنى أَنَّ تجميع الذرات والجزئيات عن طريق المصادفة يؤدي
إلى ظهور الحياة بلا تدبير مِنْ خالق مدبر ولا حكمة،، وهذا قول باطل، تردُّه
العقول والفطر، فإنك إذا نظرت إلى هذا الكون المنظم بأفلاكه وأرضه وسمائه وسير
المخلوقات فيه بهذه الدقة والتنظيم العجيب، تبين لك أنَّه لا يمكن أَنْ يصدر إلا
عن خالق حكيم.
الصفحة 3 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد