×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 ومعناه: مَن إلهك وخالقك؟ وكما في قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ [الحَجّ: 40] ، وقوله تعالى: ﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا [الأنعَام: 164] ، وقوله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ [فُصّلَت: 30] ، فالربوبية في هذه الآيات هي الإلهية.

والذي دَعَتْ إليه الرُسُل مِنْ النَّوْعين هو توحيد الألوهية، لأنَّ توحيد الربوبيةُ يقرُّ به جمهور الأُممِ، ولم يُنكرهُ إلا شواذٌ مِنْ الخليقة، أنكروه في الظاهر فقط، والإقرار به وحده لا يكفي، فقد أقرَّ به إبليس: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي [الحِجر: 39] ، وأقرَّ به المشركون الذين بُعِثَ فيهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، كما دلت على ذلك الآيات البينات، كما قال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزّخرُف: 87]

فمَنْ أقرَّ بتوحيد الربوبية فقط، لم يكن مُسلمًا، ولم يحْرُم دمه ولا ماله، حتى يُقِرُ بتوحيد الألوهية، فلا يعبد إلا اللَّه.

وبهذا يتبين بطلان ما يزعمه علماء الكلام والصوفية مِنْ أَنَّ التَّوْحِيْد المطلوب مِنْ العباد هو الإقرار بأَنَّ اللَّه هو الخالق المدبر، ومَنْ أقرَّ بذلك، صار عندهم مسلما، ولهذا يعرَّفون التَّوْحِيْد في الكتب التي ألفوها في العقائد بما ينطبق على توحيد الربوبية فقط، حيث يقولون مثلا: التَّوْحِيْد هو الإقرار بوجود اللَّه وأنَّه الخالق الرازق... إلخ، ثم يوردون أدلَّة توحيد الربوبية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «فإِنَّ عامةٌ المُتكلمين الَّذين يُقررون التَّوْحِيْد في كُتب الكلام والنظر غَايتهم أَنْ يجعلُوا التَّوْحِيْد ثَلاَثَةَ أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قَسِيْمَ لهُ، وواحدٌ في صفاته لا شبيه لهُ، وواحدٌ في أفعاله لا شَريك لهُ. وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث،


الشرح