×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 وهو توحيد الأفعال، وهو أَنَّ خالق العالم واحد، وُهُم يَحْتَجُّون على ذلك بما يَذْكُرونه مِنْ دلالة التمانع وغيرها... ويظنُّون أَنَّ هذا هو التَّوْحِيْد المطلوب، وأَنَّ هذا هُو مَعْنَى قْولُنا: لاَ إِلَه إلاَّ اللَّه، حَتَّى يجعلوا معنى الأُلُوهية القُدْرَةِ على الاختراع، ومعلوم أَنَّ المُشركين مِنْ العَرَب الذين بُعث إليهم مُحمد صلى الله عليه وسلم أولاً لم يكونوا يُخالفونه في هذا، بل كانوا يُقرون بأَنَّ اللَّه خالقُ كُل شيء، حتى إِنَّهم كانوا يُقرُّون بالقدر أيضًا، وُهُمْ مع هذا مُشركون...».

هذا كلام الشيخ رحمه الله ، وهو واضح في الرَدِّ على مَن اعتقد أَنَّ التَّوْحِيْد المطلوب مِنْ الخلق هو الإقرار بتوحيد الربوبية.

ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النّحل: 36] ، فالرسل لم يقولوا لأممهم: أقروا أَنَّ اللَّه هو الخالق، لأنَّهم مقرون بهذا، وإِنَمَّا قالوا لهم: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النّحل: 36].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا: «التَّوْحِيْد الَّذِي جاءت به الرُسل إِنَّما يَتَضَمنُ إثبات الإِلَهِيَّة للَّه وُحْدهُ، بأِنْ يَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَه إِلاَّ اللَّه لاَ يُعْبدُ إِلاَّ إِيَّاهُ..».

إلى أَنْ قال: «وَليس المُرادُ بالتوحيد مُجرد توحيد الرُّبُوبية، وهُو اعتقادُ أَنَّ اللَّه وَحْدهُ خلق العالم، كما يَظُنُّ ذلك مَن يَظُنُّهُ مِنْ أهل الكلام والتَّصوُّف، وَيظُنُّ هولاء أنَّهمُ إذا أثبتوا ذلك بالدليل، فقد أثبتوا غاية التَّوْحِيْد، وأنَّهم إذا شَهدُوا هذا وفنوا فيه، فقد فنوا في غاية التَّوْحِيْد، فإنَّ الرَّجُل لو أقَرَّ بما يستحقُّه الرَّب تعالى مِنْ الصِّفات، ونَزَّهَه عَن كُلِّ ما ينزَّه عنه، وأقرَّ بأنَّه وحده خالق كُلِّ شيء،


الشرح