قال الإمام ابن القيم:
وَمِنْ كيد عدو اللَّه أَنْ يخوِّف المؤمنين مِنْ جنده وأوليائه لئلا يجاهدُوهُم و
لا يأمروهم بمعروف ولا ينهوهم عن منكر، وأخبر تعالى أنَّ هذا مِنْ كيد الشيطان
وتخويفه، ونهانا أَنْ نخافهم، فكلما قوي إيمان العبد، زال منه خوف أولياء الشيطان،
وكلما ضعف إيمانه، قوي خوفه منهم.
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا
يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ
فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [التّوبَة: 18]
فأخبر سبحانه أنَّ مساجد اللَّه لا يعمرها إلا أهل الإيمان باللَّه واليوم الآخر،
الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا بجوارحهم وأخلصوا له الخشية دون سواه، فأثبت لهم عمارة
المساجد بعد أَنْ نفاها عن المشركين، لأَنَّ عمارة المسجد لا تكون إلا بالطاعة
والعمل الصالح، والمشرك وإِنْ عمل، فعمله ﴿كَسَرَابِۢ
بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمَۡٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ
يَجِدۡهُ شَيۡٔٗا﴾ [النُّور: 39] ، أو ﴿كَرَمَادٍ
ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ﴾ [إبراهيم: 18] وما
كان كذلك، فالعدم خير منه.
فلا تكون المساجد عامرة عمرانًا صحيحًا إلا بالعمل
الصالح المؤسس على الإخلاص والتوحيد والعقيدة الصحيحة الخالية مِنْ الشرك والبدع
والخرافات، وليس عِمارتها بالطَّيْنِ والزَّخْرَفَةِ وَفَخَامَةِ البِنَاءِ فَقَط،
أو إشادتها على القبور، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم مَن فعل ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ﴾ [التّوبَة: 18] ، قال ابن عطية: «يُريد: خشيةُ التعظيم والعبادة والطاعةِ، ولا محالة أَنَّ الإنسان يَخشىَ المحاذير الدُّنيوية».
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد