ليس اختياريًا، وإنمَّا توعَّد مَنْ قَدَّم محبتها على
محبَّة اللَّه ورسوله ومحبَّة ما يحبه اللَّه ورسوله، فلا بد مِنْ إيثار ما أحبَّه
اللَّه مِنْ عبده وأراده على ما يحبَّه العبد ويريده. فمحبَّة اللَّه لها علامات
تدل عليها:
منها: أَنَّ مِنْ أحب اللَّه
تعالى، فإنَّه يقدِّم ما يحبه اللَّه مِنْ الأعمال على ما تحبه نفسه مِنْ الشهوات
والملذات والأموال والأولاد والأوطان.
ومنها: أَنَّ مِنْ أحبَّ اللَّه
تعالى، فإنَّه يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، فيفعل ما أمر به، ويترك
ما نهى عنه، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ
تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ
وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن
تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢﴾ [آل عِمرَان: 31-32] .
قال بعض السَّلف: ادَّعى قومٌ محبَّة اللَّه،
فأنزل اللَّه تعالى آية المحبَّة: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ
تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ﴾، ففي الآية بيان
دليل محبَّة اللَّه وثمرتها وفائدتها، فدليلها وعلامتها: اتباع الرسول صلى الله
عليه وسلم ، وفائدتها وثمرتها: نيلُ مَحبَّة اللَّه للعبد ومغفرته لذنوبه.
ومِنْ علامات صدق محبَّة العبد للَّه: ما ذكره اللَّه
بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ
يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ
يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ﴾ [المَائدة: 54] ،
فذكر في هذه الآية الكريمة لمحبَّة اللَّه أربع علامات:
العلامة الأولى: أَنَّ المحبين للَّه يكونون
أَذِلَّةً على المؤمنين، بمعنى أنَّهم يُشْفِقُون عليهم ويرحمونهم ويعطفون عليهم.
قال عطاء رحمه الله : «يَكُونون
للْمُؤْمِنيِنْ كَالْوَالِدِ لَوَلَدِهِ».
العلامة الثانية: أَنَّهم يكونون أعِزَّةً على الكافرين، أي: يُظْهِرُون لهم الغِلْظَة والشَّدَّة والترفع عليهم، ولا يظهرون لهم الخضوع والضعف.
الصفحة 4 / 367