×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

فأمره اللَّه سبحانه بالتوكل عليه وحده، لأنَّ تقديم المعمول يفيد الحَصْرَ، وجعل التوكل عليه شرطًا في الإيمان كما جعله شرطًا في الإسلام في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ  [يُونس: 84] ، فدلَّ على انتفاء الإيمان والإسلام عمَّن لم يتوكل على اللَّه أو توكل على غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو مِنْ أصحاب القبور والأضرحة وسائر الأوثان.

فالتَّوكل على اللَّه فريضة يجب إخلاصها للَّه، وهو أجمع أنواع العبادة، وأعلى مقامات التَّوْحِيْد وأعظمها وأجلها، لما ينشأ عنه مِنْ الأعمال الصالحة، فإنَّه إذا اعتمد على اللَّه في جميع أموره الدينية والدنيوية دون كل ما سواه، صح إخلاصه ومعاملته مع اللَّه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «وما رجا أحدٌ مخلوقًا ولا توكَّل عليه إلاَّ خاب ظَنَّه فيه». انتهى.

والتوكُّل على اللَّه مِنْ أعظم منازل   ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ[الفَاتِحَة: 5]، فلا يحصل كمال التَّوْحِيْد بأنواعه الثلاثة إلا بكمال التوكُّل على اللَّه سبحانه، قال اللَّه تعالى: ﴿رَّبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذۡهُ وَكِيلٗا  [المُزّمل: 9] ، والآيات في الأمر به كثيرة جدا، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ [الطّلاَق: 3] .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى:  ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [المَائدة: 23] : «فجعل التَّوَكَّل على اللَّه شرطًا في الإيمان، فَدَلَّ على انتفاء الإيمان عند انتفائه، وكُلَّمَا قَوِي إيمان العَبْد، كان تَوَكُّلُه أقْوَىَ، وإذا ضَعُفَ الإيمان، ضَعُف التَّوَكُّل، وإذا كان التَّوَكُل ضعيفًا،


الشرح