فعمل بمقتضى قوته، ولم
يضعفه ذلك عن طاعة اللَّه، فلا حرج عليه، ومِنْ كَلَّف نفسه حتى أضعفها عن بعض
الواجبات، فإنَّه ينكر عليه ذلك.
والقسم الثالث: ما أجرى اللَّه العادة به
في الدنيا في الأعم الأغلب..».
إلى أنْ قال: «وقد
رُوِيَ عَن ابن عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الَيَمِنْ يَحُجُّوَن وَلاَ
يَتَزَوَّدُونَ وَيقولون: نَحْنُ مُتَوَكَّلُونَ، فَيَحُجُّونَ، فَيْأتُونَ
مَكَّةَ، ويسألون النَّاس... فأنزل اللَّه هذه الآية: ﴿وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [البَقَرَة: 197] » ([1]).
وقد سَئِلَ أحمد رحمه الله عمَّن يقعد ولا يكتسب ويقول:
توكلت على اللَّه، فقال: «ينبغي للنَّاس
كُلَهم يَتوكَّلُون على اللَّه، ولكن يعودون على أَنَّفسهم بالكسب»، وقد كان
الأنبياء يؤجرون أنفسهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤجر نفسه وأبو بكر وعمر،
ولم يقولوا نقعد حتى يرزقنا اللَّه، وقال اللَّه تعالى: ﴿فَٱنتَشِرُواْ
فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ﴾ [الجُمُعَة: 10] .
وأخرج الترمذي مِنْ حديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ
رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ؛ أَوْ أُطْلِقُهَا
وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: «اعْقِلْهَا
وَتَوَكَّلْ» ([2]).
وهذا كله إشارة إلى أَنَّ التَّوَكُّل لا ينافي الإتيان بالأسباب المباحة، بل قد يكون جمعها أفضل، وقد لقي عمر بن الخطاب جماعة مِنْ أهل اليمن، فقال: مَنْ أنْتُمْ؟ قالوا: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ. قَالَ: «بَلْ أنْتُمْ المُتَأَكِلُوَن، إِنَّما المُتَوَكِلُ الَّذِي يُلْقِي حَبَّهُ فِي الأَرْضِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1523).
الصفحة 5 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد