والمراد بالأنواء عندهم،
منازل القمر الثمانية والعشرون، في كل ثلاث عشرة ليلة، يغرب واحد منها عند طلوع
الفجر ويطلع مقابله وتنقضي جميعها عند انقضاء السَّنَة القَمَرِيَّة، وتزعم العرب
في جاهليتها أنَّه عند طلوع ذلك النجم في الفجر ومغيب مقابله، ينزل المطر، ويسمى
ذلك الاستسقاء بالأنواء، ومعنى ذلك نسبة السُّقْيَا إلى هذه الطوالع.
وهذا مِنْ اعتقاد الجاهلية الذي جاء الإسلام بإبطاله
والنهي عنه، لأنَّ نزول المطر وانحباسه يرجع إلى إرادة اللَّه وتقديره وحكمته،
وليس لطلوع النجوم تأثيرٌ فيه.
قال تعالى: ﴿۞فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَوَٰقِعِ
ٱلنُّجُومِ ٧٥وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ
كَرِيمٞ ٧٧فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ ٧٨لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ ٧٩تَنزِيلٞ
مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٨٠أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ ٨١﴾ [الواقِعَة: 75-81].
فقوله تعالى: ﴿وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ
تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقِعَة: 82]: معناه: نِسْبَةَ المطر الذي هو الرزق
النازل مِنْ اللَّه إلى النجم، بأَنْ يقال: مُطِرْنَا بنوء كَذَا وكَذَا، وهذا
مِنْ أعظم الكذب والافتراء، كما روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه ابن جرير وابن أبي
حاتم والضياء في «المختارة» عَنْ
عَلِيّ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «﴿وَتَجۡعَلُونَ
رِزۡقَكُمۡ﴾ يَقُول: شُكْرُكُمْ ﴿أَنَّكُمۡ
تُكَذِّبُونَ﴾، تَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، وَبِنَجْمِ كَذَا
وَكَذَا» ([1]).
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله : «وهذا أولى ما فُسِّرت به الآية، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَن عَلي وابن عبَّاسٍ وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغيرهم، وهو قول جمهور المفسرين». انتهى.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3295)، وأحمد رقم (849)، والضياء في المختارة رقم (571).