وروى البخاري ومسلم عن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه
، قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ
بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا
انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:«هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ، قَالَ: «قَالَ أَصْبَحَ مِنْ
عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ
وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ
مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ»
([1]).
فقوله صلى الله عليه وسلم : «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ» وفَسَّر المؤمن
بأنَّه الذي ينسب المطر إلى فضل اللَّه ورحمته، وَفَسر الكافر بأنَّه الذي ينسب
المطر إلى الكوكب، وهذا فيه دليل على أَنَّه لا تجوز نسبة أفعال اللَّه إلى غيره،
وأَنَّ ذلك كفر، فإِنْ اعتقد أَنَّ للكوكب تأثيرًا في إنزال المطر، فهذا كفر أكبر،
لأنَّه إشراكٌ في الربوبية والمشرك كافرٌ، وإِنْ لم يعتقد أَنَّ للكواكب تأثيرا في
إنزال المطر، وإِنَمَّا نسبه إليها مجازًا، فهذا محرَّمٌ، وهو مِنْ الشرك الأصغر،
لأنَّه نسب نعمة اللَّه إلى غيره.
قال القرطبي رحمه الله : «وكانت العرب إذا طلع نجمٌ مِنْ
المشرق وسقط آخر مِنْ المغرب، فحدث عند ذلك مطرٌ أو ريحٌ، فمنهم مِنْ ينسبه إلى
الطالع، ومنهم مِنْ ينسبه إلى الغارب نسبة إيجادٍ واختراعٍ، ويطلقون ذلك القول
المذكور في الحديث، فنهى الشارع عن إطلاق ذلك، لئلا يعتقد أحدٌ اعتقادهم ولا يتشبه
بهم في نطقهم». انتهى.
وقد روى مسلم في «صحيحه» ([2]) في سبب نزول قوله تعالى: ﴿فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ﴾ [الواقِعَة: 75] الآيات عن ابن عباس رضي الله عنهما :
([1]) أخرجه: البخاري رقم (846)، ومسلم رقم (71).
الصفحة 4 / 367