فقد كَذَّبُوا بالبعث،
وقالوا: ﴿مَا هِيَ إِلَّا
حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا﴾ [الجَاثيَة: 24] : التي نحن فيها، ليس هناك حياة سواها.
﴿نَمُوتُ وَنَحۡيَا﴾ [الجاثية: 24] ،
أي: يموت قوم ويعيش آخرون. وهذا منهم إنكار لوجود الخالق المتصرف، وَرَدِّ جريان
الحوادث إلى الطبيعة، ولهذا قالوا: ﴿وَمَا
يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ﴾ [الجَاثيَة: 24] ، أي: لا يفنينا إلا مرور الليالي
والأيام، فنسبوا الإهلاك إلى الدهر على سبيل الذم له، وإِنَمَّا قالوا هذا القول
عن جهل وَتَخرصُّ ٍلا عَن علمٍ وبرهانٍ، لأَنْ البرهان يَرُدُّ هذا القول ويبطله،
ولهذا رَدَّ اللَّه عليهم بقوله: ﴿وَمَا
لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجَاثيَة: 24] ،
وكل قول لا ينبني على علم وبرهان، فهو قولٌ باطلٌ مردودٌ.
والبراهين تدل على أَنَّ ما يجري في الكون لابد له مِنْ
مُدَبِّرٍ حكيم قادر، وهو اللَّه سبحانه وتعالى ، فكل مَنْ سَبَّ الدهر ونسب إليه
شَيْئًا مِنْ الحوادث، فقد شارك المشركين والدهرية في هذا الوصف الذميم، وإِنْ لم
يشاركهم في أصل الاعتقاد.
وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «قال
اللَّهُ عز وجل : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ،
أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» ([1]). وفي رواية: «لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ
هُوَ الدَّهْر».
فدلَّ الحديث على أَنَّ مِنْ سَبَّ الدهر، فقد آذى اللَّه سبحانه، لأَن السب يتجه إلى مدبر الحوادث والوقائع وخالقها، والدهر إِنَمَّا هو ظرف ومحل وخلق مدبر ليس له شيء مِنْ التدبير، ولهذا قال اللَّه: «وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4826)، ومسلم رقم (2246).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد