فقوله سبحانه: «أُقَلِّبُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»: تفسير لقوله: «وَأَنَا
الدَّهْرُ»، وكذا قوله: «فَإِنَّ
اللَّهَ هُوَ الدَّهْر»: معناه أَن اللَّه هو المتصرف الذي يصرف الدهر وغيره،
فالذي يسب الدهر إِنَمَّا يسب مَن خَلَقَهُ، وهو اللَّه تعالى وتقدس.
قال بعض السلف: «كانت العرب في جاهليتها مِنْ شأنَّها ذم
الدهر، أي سَبُّه عند النوازل، فكانوا إذا أصابتهم شدةٌ أو بلاءٌ، قالوا: أصابتهم
قوارع الدَّهر، وأبادَهم الدَّهر، وقالوا: يا خيبة الدَّهرِ، فيسندون تلك الأفعال إلى
الدَّهر ويسبُّونه، وإِنَمَّا فاعل ذلك هو اللَّه، فإذا أضافوا ما نالهم مِنْ
الشدائد إلى الدهر، فإِنَمَّا سبوا اللَّه عز وجل ، لأَنَّ اللَّه هو الفاعل لذلك
حقيقة».
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله : «وقد غلط ابن
حزم ومَن نحا نحوه مِنْ الظاهرية في عدَّهم الدَّهر مِنْ الأسماء الحسنى أخذا بهذا
الحديث، وقد بين معناه في الحديث بقوله:
«أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، وتقليبه: تصرفه تعالى فيه بما يحبه الناس
ويكرهونه».
فالذي يليق بالمسلم تَجَنُّبُ مثلُ هذه الألفاظ، وإِنْ
كان يعتقد أنَّ اللَّه هو المُتصرف، لكن في تجنُّبها ابتعادٌ عن مُشابهة الكفَّار
ولو في الألفاظ، وفي ذلك حفاظٌ على العقيدة وتأدُّبٌ مع اللَّه سبحانه.
ومِنْ جنس مسبّة الدَّهر مسبّة الريح، وقد ورد النهي عنها في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه، عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2252)، وأحمد رقم (21138).