×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

وذلك لأنَّ الريح إِنَمَّا تهب بأمر اللَّه وتدبيره، لأنَّه هو الذي أوجدها وأمرها، فمسبتها مسبة للفاعل، وهو اللَّه سبحانه، كما تقدم في سب الدهر، لأَنَّ سبَّ الريح وسبَّ الدهر يرجعان إلى مسبَّة الخالق الذي دبر هذه الكائنات.

ثم أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم عندما يرون ما يكرهون مما يأتي مع الريح بأَنْ يتوجهوا إلى خالقها وآمرها ليسألوه مِنْ خيرها وخير ما فيها ويستعيذوا مِنْ شرِّها وشرِّ ما فيها، فما استجلبت نعمة إلا بطاعة اللَّه وشكره، ولا استدفعت نقمة إلا بالالتجاء إلى اللَّه والاستعاذة به.

وأمَّا سَبُّ هذه المخلوقات، ففيه مفاسد:

منها: أنَّه سبّ ما ليس أهلا للسب، فإِنَّها مخلوقاتٌ مسَخَّرةٌ وُمُدَبَّرةٌ.

ومنها: أَنَّ سبّ هذه الأشياء متضمِنٌ للشرك، فإنَّه إِنَمَّا سبها لظنه أنَّها تضر وتنفع مِنْ دون اللَّه.

ومنها: أَنَّ السَّبَّ إِنَمَّا يقع على مِنْ فعل هذه الأفعال، وهو اللَّه.

وإذا قال العبد عند هبوب الريح ما أرشده إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا اللَّهُمَّ، إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ». فقد لجأ إلى خالق الريح ومدبرها ومصرفها، وهدا هو التَّوْحِيْد والاعتقاد السليم الذي يخالف اعتقاد أهل الجاهلية.

وهكذا يكون المسلم دائمًا وأبدًا مع الأحداث، يرجعها إلى خالقها، ويسأله مِنْ خيرها، وأَنْ يدفع عنه شرها، ولا يلقي باللوم عليها ويسبها ويفسرها بغير تفسيرها الصحيح، وليعلم أَنَّ ما أصابه مِنْ هذه الأحداث مما يكره إِنَمَّا هو بتقدير مِنْ اللَّه وتسليط لها عليه بسبب ذنوبه،


الشرح