×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 قال الإمام ابن القيم رحمه الله : والعبد إذا فاته المَقْدُورُ لهَُ حالتان:

حالة عجز: وهي عملُ الشيطان، فيلقيه العجز إلى (لَوْ)، ولا فائدة فيها، بل هي مفتاح اللوم.

والحالة الثانية: النظر إلى المقدور وملاحظته وأنَّه لو قدر لم يفته ولم يغلبه عليه أحد».

فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ينفعه حال حُصُول مطلوبه وحال فواته، ونهاه عن قول (لَوْ)، وأخبره أنَّها تفتح عمل الشيطان، لما فيها مِنْ التأسف على ما فات والتحسر والحزن ولوم القدر، فيأثم بذلك، وذلك مِنْ عمل الشيطان، وليس هذا لمجرد لفظ (لَوْ)، بل لما قارنها مِنْ الأمور القائمة بقلبه المنافية لكمال الإيمان الفاتحة لعمل الشيطان.

ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد قال هذه الكلمة حينما أمر أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة ولم يفسخ هو لأنَّه ساق الهدي.

فالجواب عن ذلك: أَنَّ قوله صلى الله عليه وسلم : «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ» ([1]) : خبر عَن مستقبل لا اعتراض فيه على قدر، بل هو إخبار لأصحابه أنَّه لو استقبل الإحرام بالحج، ما ساق الهدي، ولأحرم بالعمرة، قال ذلك لهم لما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة، حثا وتطييبا لقلوبهم لما رآهم تَوَقَّفُوا فِي أمره، فليس هذا مِنْ المنهي عنه، بل هو إخبار لهم عما كان يفعل في المستقبل لو حصل، ولا خلاف في جواز ذلك، وإِنَمَّا ينهى عَن ذلك في معارضة القدر. واللَّه أعلم.

فهذا الحديث الذي رواه أبو هريرة لا يستغني عنه العبد، وهو يتضمن إثبات القدر وإثبات الكسب والقيام بالعبودية.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7229)، ومسلم رقم (1211).