قال اللَّه تعالى: ﴿مَآ
أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ
قَلۡبَهُۥۚ﴾ [التّغَابُن: 11] : قال علقمة: «هُوَ الرَّجُلُ
تُصِيْبُه المُصِيْبَةُ، فَيَعْلَمَ أَنَّها مِنْ عِنْدِ اللَّه، فَيَرْضَى
وَيُسَلِّم» ([1]).
وقال غيره في معنى الآية: «أي: مِنْ أصابته مصيبةٌ، فعلم
أنَّها بقدر اللَّه، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء اللَّه، هدى اللَّه قلبه وعوضهُ
عما فاته مِنْ الدنيا هدى في قلبه ويقينا صادقا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه».
وقال سعيد بن جبير: « ﴿وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ
يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ﴾ [التّغَابُن: 11] ، يعني: يسترجع
ويقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ
إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ [البَقَرَة: 156] ».
وفي الآية الكريمة دليل على أَنَّ الأعمال مِنْ الإيمان،
وعلى أَنَّ الصبر سببٌ لهداية القلوب، وأَنَّ المؤمن يحتاج إلى الصبر في كل
المواقف:
يحتاج إليه مع نفسه أمام أوامر اللَّه ونواهيه بإلزام
نفسه بالتزامها.
ويحتاج إلى الصبر في مواقف الدعوة إلى اللَّه تعالى على
ما يناله في سبيلها مِنْ مَشَقَّةٍ وَأَذَى، قال تعالى: ﴿ٱدۡعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم
بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ
وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَٱصۡبِرۡ
وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ﴾ [النّحل: 125- 127].
ويحتاج إلى الصبر في موقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما يلاقيه مِنْ أَذَىَ الناس، قال تعالى عن لقمان: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمَان: 17].
([1]) أخرجه البيهقي رقم (7133).