وبيان ما يُحبُّه اللَّه وما يكرهه، فلا سبيل إلى معرفة
ذلك إلا مِنْ جهة الرسل، فإِنَّ العقل لا يهتدي إلى تفصيل هذه الأمور، وإِنْ كان
قد يُدْرِك وجه الضرورة إليها مِنْ حيث الجملة.
قال تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ
أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ
وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ
فِيهِۚ﴾ [البَقَرَة: 213].
وحاجة العباد إلى الرسالات أعظم بكثيرٍ مِنْ حاجة المريض
إلى الطبيب، فإنَّ غاية ما يحصل بعدم وجود طبيب تَضَرُرُ البدن، والذي يحصل مِنْ
عدم الرسالة هو تضرر القلوب، ولا بقاء لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسالة موجودة
فيهم، فإذا ذهبت آثار الرسالة مِنْ الأرض، أقام اللَّه القيامة.
والرسل الذين ذكر اللَّه أسماءهم في القرآن يجب الإيمان
بأعْيَانِهم وهم خمسة وعشرون، منهم ثمانية عشر ذكرهم اللَّه في قوله: ﴿وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ
ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ﴾ [الأنعَام: 83] إلى
قوله: ﴿وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنعَام: 86] ،
والباقون - وهم سبعة- ذكروا في آيات متفرقة.
ومِنْ لم يسمَّ في القرآن مِنْ الرسل، وجب الإيمان به
إجمالاً، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم
مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ﴾ [غَافر: 78] ، وقال تعالى: ﴿وَرُسُلٗا
قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ﴾ [النِّسَاء: 164].
وهنا مسألة تحتاج إلى بيان وهي: الفرقُ بين النبي
والرسول:
فالفرق بين النبي والرسول على المشهور: أنَّ الرسول إنسانٌ ذَكَرٌ أوحي إليه بشرعٍ وأُمِرَ بتبليغه. والنبي إنسانٌ ذَكَر أوحي إليه بشرع ولم يُؤْمَر بتبليغه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد