فالقرآن معجزة يطَّلع
عليها الأجيال في كل زمان ويتلونه، فيعلمون أنَّه كلام اللَّه حقًا، وليس كلام
البشر، وقد تحدى اللَّه الإنس والجن أَنْ يأتوا بمثله، أو بعشر سور منه، أو بسورة
منه، فما استطاع أحد منهم منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا وإلى
الأبد أَنْ يأتي أحدٌ بكتاب مثله أو بمثل سورة منه، على الرغم مِنْ وجود أعداء
كثيرين للرسول صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام في عصور التاريخ.
قال تعالى: ﴿وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن
مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٣فَإِن
لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ٢٤﴾ [البَقَرَة: 23-24]
، فالتحدي لا يزال قائمًا إلى قيام الساعة في قوله: ﴿فَإِن
لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ﴾ [البَقَرَة: 24].
وقال تعالى: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا يُؤۡمِنُونَ ٣٣فَلۡيَأۡتُواْ بِحَدِيثٖ مِّثۡلِهِۦٓ إِن
كَانُواْ صَٰدِقِينَ ٣٤﴾ [الطُّور: 33-34].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وهذا
التحدي كان بمكة، فإِنَّ سورة يونس وهود والطُّور مِنْ المكي، ثم أعاد التحدي في
المدينة بعد الهجرة، فقال في سورة البقرة - وهي مدنية- : ﴿وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن
مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٣فَإِن
لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ٢٤﴾ [البَقَرَة:
23-24] فذكر أمرين:
أحدهما: قوله: ﴿فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ﴾ [البَقَرَة: 24] ، يقول: إذا لم تفعلوا، فقد علمتم أنَّه حق، فخافوا اللَّه أَنْ تُكَذَّبُوهُ، فيحيق بكم العذاب الذي وعده للمكذبين.