والثاني: قوله: ﴿وَلَن تَفۡعَلُواْ﴾ [البَقَرَة:
24] ، ولن لنفي المستقبل، فثبت أنَّهم فيما يُستقبل مِنْ الزمان لا يأتون بسورة
مِنْ مثله، كما أخبر بذلك.
وأمر اللَّه تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أَنْ يقول في
سورة سبحان - وهي مكية افتتحها بذكر الإسراء وهو كان بمكة بنص القرآن والخبر
المتواتر- : ﴿قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ
ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا
يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا﴾ [الإسرَاء: 88]
، أمره أَنْ يخبر بالخبر جميع الخلق، معجزا لهم، قاطعا بأنَّهم إذا اجتمعوا كلهم
لا يأتون بمثل هذا القرآن، ولو تظاهروا عليه وتعاونوا على ذلك، وهذا التحدي لجميع
الخلق، وقد سمعه كل مَن سمع القرآن، وعرفه الخاص والعام، وعلم مع ذلك أنَّهم لم
يعارضوه ولا أتوا بسورة مِنْ مثله.
ومِنْ حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم والأمر على ذلك، مَعَ مَا عُلم مِنْ أَنَّ الخلق كانوا كلهم كفارًا قبل أَنْ يبعث، ولما بُعث إِنَمَّا تبعه قليل، وكان الكُفار مِنْ أحرص الناس على إبطال قوله، مجتهدين بكل طريق ممكن، تارة يذهبون إلى أهل الكتاب فيسألونهم عَن أمور الغيب حتى يسألوه عنها، كما سألوه عَن قصة يوسف وأهل الكهف وذي القرنين، ويجتمعون في مجمع بعد مجمع ليتفقوا على ما يقولونه فيه، وصاروا يضربون له الأمثال فَيُشَبَّهونهُ بِمَنْ ليس بمثله مع ظهور الفرق، فَتَارة يقولون: مجنونٌ، وتارة: ساحرٌ، وكاهنٌ، وشاعرٌ... إلى أمثال ذلك مِنْ الأقوال التي يعلمون هم وغيرهم مِنْ كل عاقل يسمعها أنَّها افتراء عليه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد