×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

الكبائر والصغائر أو مِنْ بعضها؟ أم هل العصمة إِنَمَّا هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟ وهل تجب العصمة مِنْ الكفر والذنوب قبل المبعث أو لا؟

والقول الذي عليه جمهور الناس، وهو الموافق للآثار المنقولة مِنْ السلف: إثبات العصمة مِنْ الإقرار على الذنوب مطلقًا، والرد على مَنْ يقول: إنَّه يجوز إقرارهم عليها.

وحجج القائلين بالعصمة إذا حُرِّرَتْ إِنَمَّا تدل على هذا القول، وحَجَجُ النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء.

فإِنَّ القائلين بالعصمة احتجُّوا بأنَّ التأسِّي بهم إنَّما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه، كما أَنَّ الأمر والنهي إِنَمَّا تجبُ طاعتهم فيما لم ينسخ منه، فأما ما نسخ مِنْ الأمر والنهي، فلا يجوز جعله مأمورا به ولا منهيا عنه فضلا عن وجوب اتباعه والطاعة فيه.

وكذلك ما احتجوا به مِنْ أَنَّ الذنوب تنافي الكمال، أو أنَّها ممَّنْ عظمت عليه النعمة أقبح، أو أنَّها توجب التغيير، أو نحو ذلك مِنْ الحجج العقلية... فهذا إِنَمَّا يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا، فالتوبة النصوح التي يقبلها اللَّه يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه، كما قال بعض السلف: كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة. وقال آخر: لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه، لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه، وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة: «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6308)، ومسلم رقم (2744).