×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

إلى أَنْ قال: «وفي الكتاب والسُّنَّة الصحيحة والكتب التي أُنْزِلت قبل القرآن مما يوافق هذا القول ما يتعذر إحصاؤه، والرادون لذلك تأوَّلوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الأسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد، وهي مِنْ جنس تأويلات القرامطة الباطنية التي يعلم بالاضطرار أنَّها باطلةٌ وأنَّها مِنْ باب تحريف الكلم عن مواضعه، وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم، ويريد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم.

ثم إِنْ العصمة المعلومة بدليل الشرع والعقل والإجماع - وهي العصمة في التبليغ- لم ينتفعوا بها إذ كانوا لا يقرون بموجب ما بلغته الأنبياء، وإِنَمَّا يقرون بلفظ حرموا معناه، أو كانوا فيه كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني.

والعصمة التي كانوا ادعوها، لو كانت ثابتة، لم ينتفعوا بها، ولا حاجة بهم إليها عندهم، فإِنَّها متعلقةٌ بغيرهم، لا بما أمروا بالإيمان به، فيتكلم أحدهم فيها على الأنبياء بغير سلطان مِنْ اللَّه، ويدع ما يجب عليه مِنْ تصديق الأنبياء وطاعتهم، وهو الذي تحصل به السعادة وبضده تحصل الشقاوة، وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ  [النُّور: 54] الآية.

واللَّه تعالى لم يذكر في القرآن شَيْئًا مِنْ ذلك عن نبي مِنْ الأنبياء، إلا مقرونا بالتوبة والاستغفار:

كقول آدم وزوجته: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الأعرَاف: 23].

وقول نوح: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡ‍َٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [هُود: 47].


الشرح