ويوسف صلى الله عليه وسلم همَّ همًّا تركه للَّه، ولذلك
صرف اللَّه عنه السوء والفحشاء لإخلاصه، وذلك إِنَمَّا يكون إذا قام المُقتضي
للذنب - وهو الهَمُّ- وعارضه الإخلاص المُوجب لانصراف القلب عن الذنب للَّه، فيوسف
عليه السلام لم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم
مُّبۡصِرُونَ﴾ [الأعرَاف:
201] ».
إلى أَنْ قال: «وبهذا يظهر جواب شُبهة مَن يقول: إِنَّ
اللَّه لا يبعث نبيًا إلا مَن كان مَعصومًا قبل النُّبوة، كَما يقول ذَلِكَ طائفة
مِنْ الرّافضة وغيرهم، وكذلك مَنْ قال: إنَّه لا يبعث نبيًا إلا مَن كان مُؤمنا
قبل النبوة، فإنَّ هؤلاء توهموا أنَّ الذنوب تكون خفضًا وإنَّ تاب التائب منها،
وهذا منشأ غلطهم، فمَن ظن أنَّ صاحب الذنوب مَع التوبة النصوح يكون ناقصا، فهو
غالط غلطا عظيما، فإنَّ الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها
شيء أصلا، لكن، إنْ قدم التوبة، لم يلحقه شيء، وإنْ أخر التوبة، فقد يلحقه مَا بين
الذنوب والتوبة مِنْ الذم والعقاب ما يناسب حاله.
والأنبياء - صلوات اللَّه عليهم وسلامه- كانوا لا يُؤخرون التوبة، بل يسارعون إليها ويسابقون إليها، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب، بل هم معصومون مِنْ ذلك، ومِنْ أخر ذلك زمنًا قليلا، كفر اللَّه ذلك بما يبتليه به، كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم ، هذا على المشهور أَنَّ إلقاءه كان بعد النبوة، وأما مَنْ قال: إِنَّ إلقاءه كان قبل النبوة، فلا يحتاج إلى هذا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد