فإنَّه يقرر بأنَّه رسول اللَّه إلى أهل الكتاب وغيرهم،
ورسول اللَّه لا يكذب، ولا يقاتل الناس على طاعته بغير أمر اللَّه، ولا يستحل
دماءهم وأموالهم وديارهم بغير إذن اللَّه، فَمَنْ قال: إنَّ اللَّه أمره بذلك، ولم
يكن اللَّه أمره، كان كاذبا مفتريا ظالمًا، ﴿وَمَنۡ
أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ
وَلَمۡ يُوحَ إِلَيۡهِ شَيۡءٞ﴾ [الأنعَام: 93] ، وكان مع كونه ظالمًا مفتريا مِنْ أعظم
المريدين علوًا في الأرض وفسادًا، وكان شرًا مِنْ الملوك الجبابرة الظالمين، فإنَّ
الملوك الجبابرة يقاتلون النَّاس على طاعتهم، ولا يقولون: إِنَّا رسل اللَّه
إليكم، ومِنْ أطاعنا، دخل الجنة، ومَنْ عصانا، دخل النار، بل فرعون وأمثاله لا
يدخلون في مثل هذا، ولا يدخل في هذا إلا نبي صادق أو متنبئ كذاب، كمسيلمة والأسود
وأمثالهما.
فإذا عُلِمَ أنَّه نبي، لزم أَنْ يكون ما أخبر به عن
اللَّه حقا، وإذا كان رسول اللَّه، وجبت طاعته في كل ما يأمر به، كما قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ [النِّسَاء: 64] ،
وإذا أخبر أنَّه رسول اللَّه إلى أهل الكتاب وأنَّه تجب عليهم طاعته، كان ذلك
حقًا.
ومَن أقرَّ بأنَّه رسول اللَّه وأنكر أنْ يكون مُرْسَلاً إلى أهل الكتاب، فهو بمنزلة مَنْ يقول: إنَّ موسى كان رسولاً، ولم يكن يجب أَنْ يدخل أرض الشام، ولا يخرج بني إسرائيل مِنْ مصر، وأنَّ اللَّه لم يأمره بذلك، وأنَّه لم يأمره بالسبت، ولا أنزل عليه التوراة، ولا كلمه على الطور. ومَنْ يقول: إنَّ عيسى كان رسول اللَّه، ولم يُبْعَث إلى بني إسرائيل، ولا كان يجب على بني إسرائيل طاعته، وأنَّه ظلم اليهود... وأمثال ذلك مِنْ المقالات التي هي أكفر المقالات.
الصفحة 4 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد