وأما ما يحصل منهم مِنْ الأذى والفساد في الأرض ونهايتهم، فقد دل على ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، قال: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«يُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمأْجُوجُ، يَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل : ﴿وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ﴾ [الأنبيَاء: 96] ، فَيَغْشَوْنَ النَّاسِ، وَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ إِلَى مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ، وَيَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأَْرْضِ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَمُرُّ بِالنَّهَرِ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهِ حَتَّى يَتْرُكُوهُ يَبَسًا، حَتَّى إِنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ لَيَمُرُّ بِذَلِكَ النَّهَرِ، فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ هَاهُنَا مَاءٌ مَرَّةً، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ النَّاسِ إِلاَّ أَحَدٌ فِي حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ، قَالَ قَائِلُهُمْ: هَؤُلاَءِ أَهْلُ الأَْرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ، بَقِيَ أَهْلُ السَّمَاءِ»، قَالَ: «ثُمَّ يَهُزُّ أَحَدُهُمْ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ يَرْمِي بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ مُخْتَضِبَةً دَمًا لِلْبَلاَءِ وَالْفِتْنَةِ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ دُودًا فِي أَعْنَاقِهِمْ كَنَغَفِ الْجَرَادِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي أَعْنَاقِهِ، فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى لاَ يُسْمَعُ لَهُمْ حِسًّا، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: أَلاَ رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ فَيَنْظُرَ مَا فَعَلَ هَذَا الْعَدُوُّ» قَالَ: «فَيَتَجَرَّدُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِذَلِكَ مُحْتَسِبًا، قَدْ أَظَنَّهَا عَلَى أَنَّهُ مَقْتُولٌ، فَيَنْزِلُ، فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَيُنَادِي: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَلاَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاكُمْ عَدُوَّكُمْ فَيَخْرُجُونَ مِنْ مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيُسَرِّحُونَ مَوَاشِيَهُمْ، فَمَا يَكُونُ لَهَا رَعْيٌ إِلاَّ لُحُومُهُمْ فَتَشْكَرُ عَنْهُ كَأَحْسَنِ مَا تَشْكَرُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَصَابَتْهُ النَّبَاتِ قَطُّ» ([1])، قال الإمام ابن كثير: «وهكذا أخرجه ابن ماجه مِنْ حديث يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق به، وهو إسناد جيد».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3346)، ومسلم رقم (2880).
الصفحة 4 / 367