وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ،
فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى
تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاَعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ
الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا
يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ
يَجِيءُ بِالشَّرِّ ؟ فيقول: أنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فيقول: رَبِّ لاَ تُقِمِ
السَّاعَةَ» ([1]).
قال شارح الطحاوية: «وَذَهَبَ إلى مُوِجِبِ هَذَا
الحَدِيْثِ جَميِعُ أَهْلِ السُّنَّة وَالحَدِيْثِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ فيِ
الصَّحِيْحِ».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «أمَّا
الحَدِيْثُ المَذْكُور في قَبْضِ رُوْح المُؤْمِن، وأنَّهُ يُصْعَدُ بهَا إلى
السَّمَاءِ الَّتِيْ فيها اللَّه، فهَذَا حَدِيْثُ مَعْرُوفٌ جَيِّدُ الإْسنَادِ،
وقَوْلُهُ: «فِيْهَا اللَّه»:
بِمَنْزِلة قَوْلِه تَعَالَى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ
أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ
أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ ١٧﴾ [المُلك: 16-17] »
انتهى.
قال العَّلامة ابن القيم رحمه الله : «الأرْوَاح مُتَفاوِتَةٌ في مُسْتَقَرِّهَا
في البَرْزَخ أعْظَم تَفَاوُتٍ:
فمنها: أرْوَاحٌ في أعْلَى عِلِّيِّين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنْبِيَاء
صَلَوَات اللَّهِ وَسَلامَه عَلَيِهْم، وَهُمْ مُتَفاوِتُون في منازلهم، كما
رَآهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
ومنها: أرواح في حواصلٍ طيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ في الجنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، وهي أرْوَاحُ بعض الشُّهَدَاءِ، لا جَمِيْعِهِمْ، بل مِنْ الشُّهَدَاء مَنْ تُحْبَسُ رُوحُه عَنْ دُخُوْل الجَّنِة لدَيْنٍ عَلَيْهِ أوْ غَيْرُهُ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (18534).