×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

وحُجَّةُ مَنْ قال: إِنَّهم يُسْأَلُون: أنَّه يُشْرَع الصلاة عليهم والدعاء لهم وسؤال اللَّه أنْ يقيهم عذاب القَبْر وفتنة القَبْر :

كما ذكر مالك في «موطئه» عَنْ أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه : أنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازِة صَبِيٍّ، فَسُمِعَ مِنْ دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ أَعِذْهُ عَذَاب القَبْر» ([1]).

واحتجُّوا بما رواه علي بن معبد، عن عائشة رضي الله عنها : أنَّهُ مُرَّ عَلَيْهَا بِجِنَازَةِ صَبِيٍ صَغِيْرٍ، فَبَكَتْ، فقيل لها: مَا يُبْكِيك يَا أمُ المُؤْمِنين؟، فَقَالَت: «هَذا الصَّبِي، بَكيتُ لَهُ شَفَقةً عَلْيِه مِنْ ضَمَّة القَبْر».

قالوا: واللَّه سبحانه يُكْمِلُ لهم عقولهم، ليعرفوا بذلك منزلتهم، ويلهمون الجواب عما يسألون عنه.

قالوا: وقد دل على ذلك الأحاديث الكثيرة الَّتِيْ فيها أنَّهم يُمْتَحَنُونَ في الآخرة، وحكاه الأشعري عن أهل السُّنَّة والحديث، فإذا امتحنوا في الآخرة، لم يمتنع امتحانهم في القبور.

واحتجَّ مَنْ قال: إِنَّهم لا يُسْأَلُونَ: بأنَّ السُؤال إنمَّا يكون لمَنْ عَقَل الرَّسُول والمرُسْلِ، فيُسْأَلُ: هل آمن بالرَّسُول وأطاعه أم لا؟ فأمَّا الطفل الَّذِي لا تمييز له بوجه ما، فكيف يقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الَّذِي بعث فيكم؟ ولو رُدَّ إليه عقله في القَبْر، فإنَّه لا يسأل عما لم يتمكن مِنْ معرفته والعِلْم به، ولا فائدة في هذا السؤال. وهذا بخلاف امتحانهم في الآخرة، فإنَّ اللَّه سبحانه يُرْسِلُ إليهم رسولاً ويأمرهم بطاعته وعقولهم معهم، فمَنْ أطاعه منهم، نجا، ومِنْ عصاه، أدخله النار. فذلك امتحانٌ بأمر يأمرهم به يفعلونه ذلك الوقت، لا أنَّه سؤال عن أمرٍ مضى لهم في الدُّنْيَا مِنْ طاعة أو عصيان كسؤال الملكين في القَبْر.


الشرح

([1])  أخرجه: رقم مالك: (18).