وذم المكذبين بالبعث، فقال: ﴿قَدۡ
خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ﴾ [يُونس: 45] ،﴿أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ
يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۢ بَعِيدٍ﴾ [الشّورى: 18] ، ﴿وَمَن يَهۡدِ
ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن
دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا
وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا ٩٧ذَٰلِكَ
جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِنَا وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا
وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدًا ٩٨ ۞أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ
ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ
وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا
٩٩﴾[الإسرَاء: 97-99].
وقال: ﴿وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا
عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا﴾[الإسرَاء: 49]، فرد
اللَّه عليهم بقوله: ﴿۞قُلۡ كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ
حَدِيدًا ٥٠أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن
يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا ٥١﴾[الإسرَاء: 50-51].
قال شارح «الطحاوية»
على هذه الآيات الكريمة: «فَتَأَمَّلْ
مَا أَجِيْبُوا بِهِ عَنْ كُلِّ سُؤَالِ على التَّفْصِيْلِ، فَإنَّهُمْ قَالَوا
أولاً : ﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا
وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدًا﴾ [الإسرَاء: 98] ؟، فَقِيْل لهمْ في جواب هذا
السُّؤَالُ: إنْ كُنْتُمْ تَزْعُمَون أنَّهُ لا خَالِقَ لَكُمْ وَلاَ رَبَّ
لَكُمْ، فَهَلاَّ كُنْتُمْ خَلْقًا لا يُفْنِيْه المَوْتُ كَالحِجَارةِ
والحَدِيْدِ وَمَا هُوَ أكْبَر فِيْ صُدَورِكَمْ مِنْ ذَلِك، فَإنْ قُلْتُم:
كُنَّا خُلِقْنا عَلَى هَذَه الصِّفَة الَّتِيْ لا تَقْبَلُ البَقَاء.
فما الَّذِي يحول بين خَالقِكُم ومُنْشِئكُم وبين إعَادَتِكُمْ خَلْقًا جَدِيْدًا؟، وللحُجَّة تَقْدِيرٌ آخَرٌ هو: لو كُنْتُمْ حِجَارة أو حَدِيْدًا أو خَلْقًا أكبر منهما، فإنَّهُ قادر على أَنَّ يُفْنِيكُمْ وَيُحيْلُ ذَوَاتِكُمْ وينقلها مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، ومَنْ يقدرُ على التَّصَرُّف في هذه الأجْسَامِ مع شِدَّتها وَصَلابَتهَا بالإفْنَاءِ والإحَالَةِ، فما الَّذِي يُعْجِزُه فيما دُوْنَها؟، ثُمَّ أخبر أنَّهُم يسألون سُؤْالاً
الصفحة 4 / 367