وقد قال اللَّه
تعالى: ﴿مَآ أَصَابَ
مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ
أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٢٢لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ
مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ
مُخۡتَالٖ فَخُورٍ ٢٣﴾[الحَديد: 22-23] فأخبرنا سبحانه أنَّه قدَّر ما يجري
مِنْ المصائب في الأرض وفي الأنفس، فهو مقدَّر ومكتوب لا بد مِنْ وقوعه مهما
حاولنا دفعه، ثم بين أنَّ الحكمة مِنْ إخباره لنا بذلك لأجل أَنْ نطمئن فلا نجزع
ولا نأسف عند المصائب ولا نفرح عند حصول النعم فرحا ينسينا العواقب، بل الواجب
علينا الصبر عند المصائب وعدم اليأس مِنْ روح اللَّه، والشكر عند الرخاء وعدم
الأمن مِنْ مكر اللَّه، ونكون مرتبطين باللَّه في الحالَّتِيْن.
قال عكرمة رحمه الله : «لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَهَوُ يَفْرَحُ وَيَحْزَنُ، وَلَكِنْ جَعَلُوًا
الفَرَحَ شُكْرًا وَاَلحُزْنَ صَبْرًا».
وليس معنى هذا أنَّ العبد لا يتخذ الأسباب الواقية مِنْ الشَّرِّ والجالبة للخير، وإِنَمَّا يتكل على القضاء والقدر، كما يظن بعض الجهال، هذا مِنْ أكبر الغلط والجهل، فإنَّ اللَّه أمرنا باتخاذ الأسباب، ونهانا عن التكاسل والإهمال، ولكن إذا اتخذنا السبب وحصل لنا عكس المطلوب، فعلينا أَنْ لا نجزع، لأَنَّ هذا هو القضاء المقدر، ولو قدر غيره، لكان، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا، كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2664).