وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة، فاستأذنت
أسماء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال لها: «صِلِي أُمَّكِ» ([1]).
وقد قال اللَّه تعالى: ﴿لَّا
تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ
حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ﴾ [المجَادلة: 22]...
الآية
فالصّلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودَّة شيءٌ آخر،
لأنَّ في الصِّلة وحسن المعاملة ترغيبًا للكافر في الإسلام، فهما مِنْ وسائل
الدَّعوة، بخلاف المودة والموالاة، فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه
والرضى عنه، وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام.
وكذلك تحريم موالاة الكفار لا يعني تحريم التعامل معهم
بالتجارة المباحة واستيراد البضائع والمصنوعات النافعة والاستفادة مِنْ خبراتهم
ومخترعاتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم استأجر ابن أريْقِطْ الليثي ليدله على الطريق
وهو كافر واستدان مِنْ بعض اليهود وما زال المسلمون يستوردون البضائع والمصنوعات
مِنْ الكفار، وهذا مِنْ باب الشراء منهم بالثمن، وليس لهم علينا فيه فضل ومنة،
وليس هو مِنْ أسباب محبتهم وموالاتهم، فإِنَّ اللَّه أوجب محبَّة المؤمنين
وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم.
قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ﴾ [الأنفَال: 72]... إلى قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ﴾ [الأنفَال: 73]
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2620)، ومسلم رقم (1003).
الصفحة 5 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد