×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

وحتى لو خلا هذا الاحتفال مِنْ هذه المحاذير، واقتصر على الاجتماع وتناول الطعام وإظهار الفرح كما يقولون، فإنَّه بدعة محدثة، «وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»، وأيضًا هو وسيلة إلى أَنْ يتطور ويحصل فيه ما يحصل في الاحتفالات الأخرى مِنْ المنكرات.

وقلنا: إنَّه بدعة لا أصل له في الكتاب والسُّنَّة وعمل السلف الصالح والقرون المفضلة، وإِنَمَّا حدث متأخرا بعد القرن الرابع الهجري، أحدثه الفاطميون الشيعة.

قال الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني رحمه الله : «أمَّا بَعْد، فقد تكرَّر سُؤَال جماعة مِنْ المُبَارَكين عن الاجتماع الَّذِي يعمله بعض النَّاس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد، هل له أصل في الدين؟ وقصدوا الجواب عن ذلك مبينًا والإيضاح عنه معينًا، فقلت - وباللَّه التوفيق- : لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد مِنْ علماء الأُمَّة، الَّذِين هم القُدِّوة في الدِّين، المتُمَسِّكون بآثار المتقدِّمِين، بل هو بدعة أحدثها البطَّالُون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكَّالُون».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «وكذلك ما يحدثه بعض النَّاس - إما مضاهاة للنَّصَارَى في مِيْلاد عيسى عليه السلام ، وإمَّا محبَّة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا- مِنْ اتِّخاذ مَوْلِد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عيدًا، مع اختلاف النَّاس في مَوْلده، فإِنَّ هذا لم يفعله السَّلَفُ، ولو كان هذا خيرا محضًا أو راجحًا، لكان السَّلَف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنَّهُم كانوا أشَدَّ محبَّةً للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص، وإِنَمَّا كان محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللِّسَان، فإنَّ هَذه طريقة السَّابقين الأوَّلين مِنْ المُهَاجرين والأنْصَار والَّذِين اتبعوهم بإحسان». انتهى.


الشرح