×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ضَعْفِ المرأةِ، فهما امرأتان ولم تَسْتَطِيعَا أن تَسْقِيَا الغَنَمَ؟! فإن المرأة ضعيفةٌ؛ فسَقَى لهما صلى الله عليه وسلم وأَنجَدَهُما، ثم ذَهَبَتَا إلى وَالِدِهِمَا الشَّيخِ الكبيرِ، وذَكَرَتَا له القِصَّةَ، وما فَعَلَهُ موسى عليه السلام، وهما لا يَعرِفَانِهِ ولكن مَعرُوفه الذي بَذَلَهُ أَثَّرَ في الفتاتَين.

﴿فَجَآءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِي عَلَى ٱسۡتِحۡيَآءٖ [القصص 25]، هذا فيه أدبُ النساء.

﴿قَالَتۡ إِنَّ أَبِي يَدۡعُوكَ لِيَجۡزِيَكَ أَجۡرَ مَا سَقَيۡتَ لَنَاۚ [القصص 25]، هذا أوَّلُ الفَرَجِ لموسى عليه السلام، فذَهَبَ إليه وَقَصَّ عليه القَصَصَ وأَخبَرَه بما حَصَلَ في مِصْرَ وأنه مطلوبٌ وخائفٌ.

﴿قَالَ [القصص 25] له الشَّيخُ الكبيرُ: ﴿لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ [القصص: 25]، فَهُمْ لَيْسَ لَهُم سلطانٌ عليكَ الآن، عند ذلك عَرَضَت إحدى الفتاتين على أبيها أن يَستَأجِرَه لِرَعيِ الغنمِ؛ لِمَا رَأَتْ فيه مِن القُوَّة والأمانةِ والشَّجاعةِ، قالت: ﴿يَٰٓأَبَتِ ٱسۡتَ‍ٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَ‍ٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡأَمِينُ [القصص: 26]، «قويٌّ»: لأنه سَقَى لَهُمَا الغنمَ وزَاحَمَ الرِّجالَ، «وأمينٌ»: لأنه لَم يَنظُر لِهَاتَيْنِ المرأتين؛ بل كان غاضًّا لِبَصَرِهِ عليه الصلاة والسلام، فعَرَضَ عليه أن يُزوِّجَهُ إحدى ابنتَيْهِ في مُقابِلَ أن يَرْعَى الغنمَ ثمانِيَ حِجَجٍ - أي: سنين - أو عَشْرًا، مَهْرًا لها، فدَلَّ على أنه يَجُوزُ أن يكون المهرُ منفعةً، وليس بِلازِمٍ أن يكون نقودًا أو مالاً، فاستأجَرَه ورَعَى الغنمَ في المُدَّةِ؛ إلى أن أَكْمَلَ الأجَلَ، ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ [القصص: 29]، فَحَمَلَ زَوْجَتَهُ، وذَهَبَ إلى أَرْضِهِ وديارِ قومه، 


الشرح