×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 فلَطَمَ القبطيَّ ﴿فَوَكَزَهُۥ [القصص: 15]، يعني: لَطَمَهُ بِيَدِهِ، وكان موسى عليه السلام قَوِيًّا، فقَضَتْ عليه هذه اللَّطمةُ، ثم نَدِمَ موسى عليه السلام وقال: ﴿هَٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوّٞ مُّضِلّٞ مُّبِينٞ [القصص: 15]، واستَغفَرَ رَبَّهُ فغَفَرَ اللهُ له، وفرعونُ وقومه أرادوا أن يَنتَصِرُوا للقبطيِّ القتيلِ، فكانوا يَسألون عن الذي قَتَلَهُ؛ يريدون الفَتْكَ به، فأصبحَ موسى خائفًا منهم أن يَعثُرُوا عليه، ثم حَصَلَ شِجارٌ بين هذا الإسرائيليِّ وبين قبطيٍّ آخَرَ، فطَلَبَ الإسرائيليُّ من موسى أن يُغِيثَهُ، فقال موسى عليه السلام: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيّٞ مُّبِينٞ [القصص: 18]، وأراد أن يَنتَقِمَ مِن القبطيِّ، فقال له القبطيُّ: ﴿يَٰمُوسَىٰٓ أَتُرِيدُ أَن تَقۡتُلَنِي كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ إِن تُرِيدُ إِلَّآ أَن تَكُونَ جَبَّارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ [القصص: 19]، فانكَشَفَ أن موسى عليه السلام هو القاتلُ، وطار الخبرُ إلى الأقباطِ وتَآمَرُوا على قَتْلِ موسى، ﴿وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ [القصص: 20] ﴿يَسۡعَىٰيعني: مُسرِعًا، فقال: ﴿إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ [القصص: 20]؛ لأنه انكَشَفَ فأَنْجَدَه اللهُ بهذا الرَّجلِ الذي جاء مُنذِرًا له.

وخَرَجَ موسى مِن مِصْرَ خائفًا يَترَقَّبُ؛ أي: هَرَبَ مُتوَجِّهًا إلى أرض مَدْيَنَ يُرِيدُ الفرارَ، وَوَصَلَ إلى أرض مَدْيَنَ وكان مُحتاجًا إلى الماء؛ فجاء إلى البئر التي يَستَقُون منها يُرِيدُ أن يَشرَبَ، فرَأَى امرأَتَين ضعيفَتَين، تَدفَعَان غَنَمَهُما عن الماء، والناس يَسْقُون، فَرَقَّ لِحَالِهِما موسى عليه الصلاة والسلام، فقد كان فيه نجدةٌ وشجاعةٌ، وسَأَلَهُمَا: ﴿مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِي حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٞ كَبِيرٞ [القصص 23] هذا دليلٌ على 


الشرح