وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ
يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ
تُؤۡفَكُونَ﴾ [فاطر: 3] .
****
قوله: «وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ ﴾»؛
أي: نِعَمَهُ؛ لأن المُفرَدَ إذا أُضِيفَ يَعُمُّ، فقوله: ﴿نِعۡمَتَ ٱللَّهِ﴾؛
أي: نِعَمَ الله عليكم، ﴿هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ
غَيۡرُ ٱللَّهِ﴾ [فاطر: 3] أي: لا خَالِقَ
إلاَّ اللهُ، فمنه النِّعَمُ سبحانه وتعالى، ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ﴾ [النحل: 53]، فهو الذي يُشكَر سبحانه وتعالى، والمخلوق
يُشكَر على قَدْرِ ما حَصَلَ على يَدِهِ مِن المعروفِ ومِن الإحسانِ، أمَّا
الشُّكر المُطلَقُ فهو لله عز وجل؛ لأنه هو المُنعِم الحقيقيُّ، وإنما هذا المخلوق
صار سببًا فقط، وقوله تعالى: ﴿هَلۡ
مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ﴾ [فاطر: 3]، ﴿هَلۡ
مِنۡ خَٰلِقٍ﴾ هذا استفهامٌ بمعنى
النَّفيِ؛ أي: لا خَالِقَ يَرزُقُكم مِن السَّماء والأرض إلاَّ اللهُ.
مِن
أنواع العبادة: الاستِغَاثَة، قال تعالى: ﴿إِذۡ
تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ﴾
[الأنفال: 9]؛ فالاستِغَاثَة هي: طَلَبُ الغَوْثِ، ولا تَكُون إلاَّ في
حالِ الشِّدَّةِ والضِّيقِ، والاستِغَاثَة بالمخلوق فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لا
بأس بها؛ كأنْ يُعِينَكَ على رَدِّ عَدُوِّكَ أو يُعِينَكَ في حاجةٍ أنتَ مُضطَّرٌ
إليها وهو يَقدِر عليها، لا بأس بذلك، كما ذَكَرَ اللهُ عز وجل عن موسى عليه
السلام - في قصته مع القبطيِّ-: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي
مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القصص:
15]؛ أي: الذي مِن بني إسرائيل استغاثَ بموسى؛ لأن موسى مِن بني إسرائيل، ﴿عَلَى ٱلَّذِي
مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القصص:
15]، وهو القبطيُّ، مِن آل فرعون، فموسى عليه السلام كان فيه نجدةٌ وشجاعةٌ، وفيه
بذلٌ للمعروف والإحسان؛ لأنه طُبِعَ على هذا عليه الصلاة والسلام،